الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

المغرب غير النافع ! غير دفع ... أغمات

أنا ليوم غدي نعاود ليكم واحد لقصة عجيبة ، : يحكى أن ثانوية تأهيلية إسمها زينب النفزاوية أو  ثانوية أغمات  الكائنة  بمركز أغمات لم تبدأ بعد الدراسة فيها لعدم وجود الكفاية من المدرسين خصوصا الطلبة العلميين ، السنة الدراسية في منتصفها و التلاميذ لا يجدون من  يساندهم في هذه المحنة : الوزارة الوصية ، السلطات المحلية ، الجمعيات ، الآباء " أغلبهم أميون " . فهل من مغيث لهؤلاء ؟ هل من أفكار نيرة لإنقاذ رجال أغمات من سنة بيضاء أو أغمات نفسها من سنة سوداء .
إفتحوا باب التدريس "بالتبرع" للمعطلين ، و سنجازيهم نحن سكان أغمات ولو بالدعاء ، فأغمات لها تجربة رائدة في هذا المجال "مسجد أغمات" والفضل يعود لرجل أكن له كل الإحترام "السيد العربي إمام مسجد أغمات" ...وللحديث بقية...    

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

بحث عن أسرار تأثير حروف القرآن على الدماغ


يقول تعالى في كتابه العزيز: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًاعَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. (يوسف آية 3). من المعلوم للعالم بأسره بأن كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) عربي اللغة، وكلما تقدم العلم كلما ظهرت معجزاتٌ جديدةٌ من القرآن الكريم تُدهش العالم والعلماء، كما ويعتبر القرآن محط اهتمام أغلب علماء الغرب اليوم لاكتشاف معجزاته وتحليلها والاستعانة به على علوم وقوانين الكون.

فهل يعتبر نص القرآن وحده معجزة؟ أم أن الاستماع له ولحروفه العربية البالغة (326558) حرفاً معجزةٌ أخرى تضاف إليه؟

أفادت أبحاثٌ جديدةٌ أجريت علي مجموعةٍ من المتطوعين في الولايات المتحدة أن الاستماع للقرآن المرتل يتسبب قي حدوث تغيراتٍ فسيولوجيةٍ لا إراديةٍ في الجهاز العصبي عند الإنسان فيساعد في تخفيف حالات التوتر النفسي الشديدة.
ووجد الباحثون أن لتلاوة القرآن أثراً مهدئاً علي أكثر من 97 في المائة من مجموع الحالات وتم رصد تغيراتٍ لا إراديةٍ في الأجهزة العصبية للمتطوعين مما أدي إلي تخفيف درجة التوتر لديهم بشكلٍ ملحوظٍ بالرغم من وجود نسبةٍ كبيرةٍ منهم لا يعرفون اللغة العربية، وأظهرت الاختبارات التي استخدمت رسوماتٍ تخطيطيةٍ للدماغ أثناء الاستماع إلي القرآن الكريم أن الموجات الدماغية انتقلت من النمط السريع الخاص باليقظة “12″ و “13″ موجةً في الثانية إلي النسق البطيء”8 ” و ” 10″ موجاتٍ في الثانية وهي حالة الهدوء العميق داخل النفس.

ولاحظ الباحثون أن الأشخاص غير المتحدثين بالعربية شعروا بالطمأنينة والراحة والسكينة أثناء الاستماع لآيات كتاب الله رغم عدم فهمهم لمعانيه وهذا من أسرار القرآن العظيم وإعجازه التي كشف الرسول صلي الله عليه وسلم النقاب عن بعضها حين قال: ” ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده” رواه مسلم في صحيح مسلم
ويحاول فريقٌ امريكيٌّ الآن اكتشاف أسرار موسيقى حروف القرآن بدراسة موجات ألفا ودلتا وتأثير كلٍ منهما على الدماغ والتوتر والضغط وأمراضٍ أخرى كثيرة .

يقول تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }. ( الرعد آية 28 ). 

الجمعة، 14 سبتمبر 2012

عِصمة الأنبياء ، وحِفظ الأولياء لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي


بسم الله الرحمن الرحيم
 أخ كريم سألني قبل البارحة عن عِصمة الأنبياء، وعن حِفظ الأولياء.
 أوَّلاً: النبي عليه الصلاة والسلام مَعصوم بِمُفرَدِهِ، ولا أحدَ من أُمَّتِهِ معصوم مِثلهُ ؛ معصومٌ في أقواله، ومعصوم في أفعاله، ومعصوم في أحواله، ومعصوم في إقراره، لأنَّ الله عصمهُ، وأمرنا أنْ نتَّبِعَهُ، وعدَّ طاعته من طاعتِهِ، قال تعالى:
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)﴾
(سورة النساء)
وقال تعالى: 
﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾
(سورة النور)
 الله سبحانه وتعالى جعلَهُ مُشَرِّعًا فأقواله تَشريع، وأفعاله وإقراره تشريع، قال تعالى: 
﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)﴾
(سورة الحشر)
 والله سبحانه وتعالى حفِظ كتابه ومن لوازِم حِفظ كتابه، أنَّه حفِظَ سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلَّم وليس معنى الحفظ أن لا تكون مُحاولة للتغيير فمعنى الحِفظ أن لا تنْجحَ المُحاولة فقد نقول: هذه السيارة مُحصَّنة ضِدَّ الرصاص، ليس معنى ذلك أنَّه لا يُطلق عليها الرَّصاص ! ولكن المعنى قد يُطلق عليها الرصاص ولكن لا تتأثّر به، فإذا جرتْ مُحاولات لِوَضْع الأحاديث وتبديل السنَّة، فهذه المحاولات لا تنْجح لأنَّ الله سبحانه وتعالى هيَّأ لهذه السنَّة رِجالاً لهم هِمَّة وضبْط وعدالةٌ تفوق حدَّ التَّصَوُّر، وقـد بذلوا جُهدًا جهيدًا، وعملاً مَشْكورًا حتَّى حَفِظوا لنا السنَّة، فأنت تأخذ جُهْدهم سائِغًا سَهلاً، فأصَحُّ كتابٍ بعد كتاب الله تعالى كتاب الإمام البخاري، ثمَّ كتاب الإمام مسلم، وأصحُّ منهما ما اتفقا عليه، ثمّ الكتب الصِّحاح الأخرى، فهذا عن رسول الله ؛ معصوم بِمُفردِهِ لأنَّ الله تعالى عصَمَهُ في أقواله وأفعاله وإقراره وأحواله، وأمرنا أن نأخذ عنه، وعدَّ طاعته طاعة الله عز وجل قال تعالى: 
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)﴾
(سورة النساء)
 وأمرنا أن نُطيع الله ورسوله معًا ونفى عنَّا الإيمان كُلِيًّا إن لم نقْبَل سنّة النبي عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: 
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)﴾
(سورة النساء)
 بقِيَ أنَّ الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نرْجِعَ في أيِّ نِزاعٍ إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم، قال تعالى: 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)﴾
(سورة النساء)
 فالعلماء يعرفون الأمْر، والأمراء يُنفِّذون الأمر، حينما قال الله عز وجل: 
﴿ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
(سورة الحديد)
 نؤمن برسوله لأنَّه المعصوم، ولأنَّه المبلِّغ، لأنَّه المُبيِّن، والمُقيِّد لما أطلقه القرآن، وخصَّ ما عمَّمَه، ووضَّحه، فهذا عن رسول الله وليس في عقيدة أهل السنة والجماعة إنسانٌ معصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
قد يكون مستواه في قِمَّة الصحابة، ومع ذلك ليس معصومًا، إلا أنَّ أُمَّتَهُ معصومةٌ بِمُجْمَعِها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
(( إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ ))
(رواه ابن ماجه )
 فإذا أقرَّ مجموع المسلمين فإقرارهم صحيح لأنَّ الله سبحانه وتعالى عصَمَ أُمَّته وشخصه عن الخطأ في أقواله وأفعاله وإقراره وعصَمَ أمَّتَهُ عن الخطأ مُجْتَمِعَةً، فكُلُّ مسلِمٍ تفوَّق في جانِبٍ، وغاب عنه جانِب، فإذا الْتقى مع أخيه وتعاوَنَ معه كمَّلَ نقْصَهُ.
 المؤمن ليس معصومًا، ولكنَّه محفوظ، معنى الحِفظ أنَّه لا يليق لِمُؤمن أنْ يفعَلَ معْصِيَةً وهو يعلم أنَّها معْصِيَة، ننْفي عنه أن يفْعل معْصِيَةً قصْدًا وننْفي أن يفْعَلَ معْصِيَةً كبيرة، وننْفي عنه أن يُصِرَّ على معْصِيَة، لذلك قال علماء العقيدة: لا تضرّ المؤمن معْصِيَة ! كيف ؟! أوَّلاً لم يقْصِدها، وثـانيًا لم يُصِرَّ عليها، لا يُمْكن أن تكون معاصي المؤمن في الكبائر لقول الله عز وجل: 
﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68)﴾
(سورة الفرقان)
 نفى عنهم الزِّنا نفْيًا كُلِيًّا،
(( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))
(رواه أحمد)
 هذا ما في عقيدة المسلمين، أما إذا ظنَنَّا أنَّ أحدًا غير النبي عليه الصلاة والسلام معصومًا وقَعنا في إشكالٍ كبير، إذْ عندها ينبغي أن نُسَلِّم له دون أن نُفَكِّر !! وقد بيَّنْتُ لكم كثيرًا أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لم يرْض منَّا أن نُعطّل عقولنا مع أحد، فما جاءنا عن صاحب هذه القبَّة الخضراء فعلى العَين والرَّأس وما جاءنا عن غيره فهم رِجال ونحن رِجال، وكلّ يُؤخَذُ منه، ويُرَدُّ عليه.
 شيءٌ آخر، إنسانٌ قد يتفوَّق تفوُّقًا كبيرًا ؛ ليس معنى ذلك أنَّه إن أخطأ يُهْدرُ عِلمُهُ، وتُهْدرُ مكانتُهُ، فَمِن نعمة الله على المسلمين أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام بيَّن أنَّ المخلص المجتهد إذا أخطأ له أجر، وإن أصاب فله أجران، والشيء الآخر أنَّ علاقة المؤمن مع الله وحدهُ، بِمَعنى أنَّه لو اسْتَطَعتَ أن تنْتَزِعَ من فَمِ النبي عليه الصلاة والسلام - وهو سيِّد الخلق، وحبيب الحق - حُكْمًا لِصالِحِك، ولم تكن على حقٍ لا تنْجو من عذاب الله والدليل قوله عليه الصلاة والسلام: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))
(رواه البخاري )
 عَجَبي أنَّ أحد المسلمين إذا أخـذ فتوى من عالمٍ يطمئِنّ ! فأنت إن أعطَيت العالم أوصافًا خاطِئَة، فالعالم يُجيب نتيجة ما يسمع، فالعالم على حق، ولكن أنت على باطل !! ثمَّ تقول: هكذا أفتى لي فلان، فهناك عشرات الفتاوى لا أشكّ أنَّ أصحابها توخَّوا مرضاة الله عز وجل، ولكن جاءهم وصْف مُخالف للواقِع فأفْتَوا على قَدْر الوَصف، والأتباع تمسَّكوا بهذه الفتوى واستعملوها في غير محلِّها، وهم يتوهَّمون أنَّ الله تعالى لن يُؤاخِذهم لأنَّ فلانًا أفتى لهم !! كُن على يقين أنَّك لن تنْجو من عذاب الله ولو أفتى لك الرسول عليه الصلاة والسلام !! 
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))
(رواه البخاري )
 علاقتك مع الله وحده، والله يعلم كلّ شيء، وحقيقة أيّ شيء،و يعلم الباعث لِكُلّ شيء ويعلم حجْم التَّضْحِيَة، وهو يعلم وحده، ونحن لا نعلم، والدليل لمَّا سيّدنا الصِّديق رضي الله عنه استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعضهم تألَّم لهذا الاستخلاف لأنّ عمر كان شديدًا فقال له بعضهم كيف تُواجِهُ ربَّك وقد اسْتخلفتَ علينا عمر ؟! فقال الصِّديق رضي الله عنه: أقول يا ربّ، لقد اسْتخلفتُ عليهم أرْحَمَهم، وهذا علمي به، فإن غيَّر وبدَّل فلا عِلم لي بالغَيب !!.
 أرأيتم إلى هذا الأدب الرفيع، هذا علمي به، فإن بدَّل و غيَّر فلا علم لي فلذلك أنت بروحٍ رياضية تعاملْ مع الناس كلِّهم على أنهم يصيبون و يخطئون، فإن أصابوا فلمتابعتهم للنبيِّ عليه الصلاة و السلام لأنه معصوم و إن أخطئوا فلعدم متابعتهم له، فخُذْ منهم ما أصابوا و الذي لم يصيبوا فيه إما أن تدَعَهُ و إما أن تنصحهم به، وللإمام الشافعي مقولة تُعْجبني، قال: نتعاونُ فيما اتَّفقنا ويعْذُر بعضنا بعضا فيما اخْتلفنا، أو نتعاوَنُ فيما اتَّفقنا، وينْصَحُ بعضنا بعضًا فيما اخْتلفنا، فالشيء المُطابق للسنَّة خُذْهُ وأنت مُطمئِنّ، والاجتهاد غير الصحيح إما أن تدَعَهُ، وإما أن تنْصح، ولكن لا تُسَـبِّب فِتنةً بين المسلمين، خُذْ ما صفا ودَع ما كدَر قال عليه الصلاة والسلام: صلّ وراء كل بر وفاجر ! لا شيء عليك.
 مـرّةً ثانية، يعتقد أهل السنة والجماعة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم معصومٌ بِمُفردَهِ، بينما أُمَّتُهُ معصومةٌ بِمَجموعها، ونحن إذا التقينا، وتعاونَّا، وتناصَحنا عُصِمْنا جميعًا، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، وعليكم بالجماعة وإياكم والفُرْقة فإنَّ الشيطان مع الواحِد ومن الاثنين أبْعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، والمؤمن يتعاون مع إخوانه من خلال الاستشارة، ويسْتلهم الله من خلال الاسْتِخارة، فهو يستشير أولي الخبرة من المؤمنين، ويستلهم الله بقدرته بالاستخارة، فمن استخار واستشار ما خاب وما ندم.

الخميس، 13 سبتمبر 2012

الصلاة على النبيّ


اللهم إني نويتُ بالصلاة على النبيّ ، إمتثالاً لأمركَ وتصديقاً لنبيّكَ ، ومحبّة فيه وشوقاً إليه، وتعظيماً لقدره، ولكونه أهلاً لذلك فتقبّلها مني بفضلك واحسانك وازل حجاب الغفلة عن قلبي واجعلني من عبادك الصالحين. اللهم زده شرفاً على شرفه الذي أوليته، وعِزّاً على عِزّه الذي أعطيته، ونوراً على نوره الذي منه خلقته، واعلِ مقامه في مقاماتِ المُرسلين، ودرجته في درجاتِ النبيّين واسئلك رضاك ورضاه يا ربّ العالمين مع العافية الدائمة والموتِ على الكتاب والسنّة والجماعة وكلمتي الشهادة على تحقيقها من غير تبديل ولا تغيير واغفر لي ما ارتكبته بفضلك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين وصلّى الله على سيدّنا محمّدٍ خاتم النبيّين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين ..  


اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبى الأمى وعلى آل محمد اللهم صل على محمد صلاة تكون لك رضاءً وله جزاءً ولحقه أداءً وأعطه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود الذى وعدته واجزه عنا ما هو أهله واجزه أفضل ما جازيت نبياً عن قومه ورسولاً عن أمته وصل على جميع إخوانه من النبيين والصالحين يا أرحم الراحمين اللهم اجعل فضائل صلواتك وشرائف زكواتك ونوامى بركاتك وعواطف رأفتك ورحمتك وتحيتك وفضائل آلآئك على محمد سيد ال
مرسلين ورسول رب العالمين قائد الخير وفاتح البر نبى الرحمة وسيد الأمة اللهم ابعثه مقاماً محموداً تُزلفُ به قربه وتُقربه عينه يغبطه فيه الأولون والآخرون اللهم أعطه الفضل والفضيلة والشرف والوسيلة والدرجة الرفيعة والمنزلة الشامخة اللهم أعط محمداً الوسيلة وبلغه مأموله واجعله أول شافعٍ و أول مشفعٍ اللهم عظم برهانه وثقل ميزانه وأبلج حجته وارفع فى أهل عليين درجته وفى أعلى المقربين منزلته اللهم أحينا على سنته وتوفنا على ملته واجعلنا من أهل شفاعته واحشرنا فى زمرته وأوردنا حوضه واسقنا من كأسه غير خزايا ولا نادمين ولا شاكين ولا مبدلين ولا مغيرين ولا فاتنين ولا مفتونين آمين يا رب العالمين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأعطه الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته مع إخوانه النبيين صلى الله على محمد نبى الرحمة وسيد الأمة وعلى أبينا آدم وأمنا حوآء ومن ولد من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وصل على ملائكتك أجمعين من أهل السموات و الأرضين وعلينا معهم يا أرحم الراحمين اللهم إغفرلى ذنوبى ولوالدى وارحمهما كما ربيانى صغيراً ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم اللهم صل على محمد نور الأنوار وسر الأسرار وسيد الأبرار وزين المرسلين الأخيار وأكرم من أظلم عليه الليل و أشرق عليه النهار عدد ما نزل من أول الدنيا إلى آخرها من قطر الأمطار وعدد ما نبت من أول الدنيا إلى آخرها من النبات و الأشجار صلاة دائمة بدوام ملك الله الواحد القهار اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تكرم بها مثواه وتشرف بها عقباه وتبلغ بها يوم القيامة مناه ورضاه هذه الصلاة تعظيماً لحقك يا محمد ( 3 ) اللهم صل على محمد حآء الرحمة وميمى الملك ودال الدوام السيد الكامل الفاتح الخاتم عدد ما فىعلمك كائن أوقد كان كلما ذكرك وذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكرك وذكره الغافلون صلاة دائمة بدوامك باقية ببقائك لا منتهى لها دون علمك إنك على كل شىء قدير ( 3 ) اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى أل محمد الذى هو أبهى شموس الهدى نوراً وأبهرها وأسير الأنبياء فخراً وأشهرها ونوره أزهر أنوار الأنبياء وأشرفها وأوضحها وأزكى الخليقة أخلاقاً وأطهرها وأكرمها خلقاً وأعدلُهَا اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آل محمد الذى هو أبهى من القمر التآم وأكرم من السحاب المرسلة والبحر الخضم اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آل محمد الذى قرنت البركة بذاته ومحياه وتعطرت العوالم بطيب ذكره ورياه اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم اللهم صل على محمد و على آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد وارحم محمداً وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد عبد ونيبك ورسولك النبى الأمى وعلى آل محمد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ملء الدنيا وملء الآخرة وبارك على محمد وعلى آل محمد ملء الدنيا وملء الأخرة وارحم محمداً وآل محمد ملء الدنيا وملء الأخرة واجزمحمداً وآل محمد ملء الدنيا وملء الأخرة وسلم على محمد وعلى آل محمد ملء الدنيا وملء الأخرة اللهم صل على محمد كما أمرتنا أن نصلى عليه وصل على محمد كما ينبغى أن يصلى عليه اللهم صل على نبيك المصطفى ورسولك المرتضى ووليك المجتبى وأمينك على وحى السماء اللهم صل على محمد أكرم الأسلاف القائم بالعدل والأنصاف المنعوت فى سورة الأعراف المنتخب من أصلاب الشراف والبطون الظراف المصفى من مصاص عبد المطلب ابن عبد مناف الذى هديت به من الخلاف وبينت به سبيل العفاف اللهم انى أسألك بأفضل مسألتك وبأحب أسمائك إليك وأكرمها عليك وبما مننت علينا بمحمد نبينا صلى الله عليه وسلم فإستنقذتنا به من الضلالة وأمرتنا بالصلاة عليه وجعلت صلاتنا عليه درجة وكفارة ولطفاً ومناً من إعطائك فأدعوك تعظيماً لأمرك وإتباعاً لوصيتك ومنتجزاً لموعودك لما يجب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى أداء حقه قبلنا إذا آمنا به وصدقناه وإتبعنا النور الذى أنزل معه وقلت إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً وأمرت العباد بالصلاة على نبيهم فريضة افترضتها وأمرتهم بها فنسألك بجلال وجهك ونور عظمتك وبما أوجبت على نفسك أن تصلى أنت وملائكتك على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وخيرتك من خلقك أفضل ما صليت على أحد من خلقك إنك حميد مجيد اللهم ارفع درجته وأكرم مقامه وثقل ميزانه وأبلج حجته وأظهر ملته وأجزل ثوابه وأضىء نوره وأدم كرامته وألحق به ذريته وأهل بيته ما تقر به عينه وعظمه فى النبيين الذين خلوا قبله اللهم اجعل محمداً أكثر النبيين تبعاً وأكثرهم أزراء و أفضلهم كرامة ونورا وأعلاهم درجة وأفسحهم فى الجنة منزلا اللهم اجعل فى السابقين غايته وفى المنتخبين منزله وفى المقربين داره وفى المصطفين منزلته اللهم اجعله أكرم الأكرمين عندك منزلاً وأفضلهم ثواباً وأقربهم مجلساً وأثبتهم مقاماً وأصوبهم كلاماً وأنجحهم مسألة وأفضلهم لديك نصيب وأعظمهم فيما عندك رغبة وأنزله فى غرفات الفردوس من الدرجات العليا التى لا درجة فوقها اللهم اجعل محمداً أصدق قائل وأنجح سائل وأول شافع وأفضل مشفع وشفعه فى أمته بشفاعة يغبطه بها الأولون و الآخرون وإذا ميزت عبادك بفصل قضائك فاجعل محمداً فى الأصدقين قيلاً والأحسنين عملا و فى المهديين سبيلاً اجعل نبينا لنا فرطا واجعل حوضه لنا موعدا لأولنا وآخرنا اللهم احشرنا فى زمرته واستعملنا فى سنته وتوفنا على ملته وعرفنا وجهه واجعلنا فى زمرته وحزبه اللهم اجمع بيننا وبينه كما آمنا ولم نره ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله وتوردنا حوضه وتجعلنا من رفقائه المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً والحمد لله رب العالمين .. 


اللهم اشرح بالصلاة عليه صدورنا ويسر بها أمورنا وفرج بها همومنا واكشف بها غمومنا وإغفر بها ذنوبنا وإقضى بها ديوننا وإصلح بها أحوالنا وبلغ بها أمالنا وتقبل بها توبتنا وإغسل بها حوبتنا وإنصربها حجتنا وطهر بها ألسنتنا وآنس بها وحشتنا وارحم بها غربتنا وإجعلها نوراً بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا وفى حياتنا وموتنا وقبورنا وحشرنا ونشرنا وظلاً 
يوم القيامة على رءوسنا وثقل بها يا رب موازين حسناتنا وأدم بركاتها علينا حتى نلقى نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونحن آمنون مطمئنون فرحون مستبشرون ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله وتأوينا إلى جواره الكريم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً اللهم إنا أمنا به صلى الله عليه وسلم ولم نره فمتعنا اللهم فى الدارين برؤيته وثبت قلوبنا على محبته واستعملنا على سنته وتوفنا على ملته واحشرنا فى زمرته الناجية وحزبه المفلحين وانفعنا بما انطوت عليه قلوبنا من محبته صلى الله عليه وسلم يوم لا جد ولا مال ولا بنين وأوردنا حوضه الأصفى واسقنا بكأسه الأوفى ويسر علينا زيارة حرمك وحرمه من قبل أن تميتنا وأدم علينا الإقامة بحرمك وحرمه صلى الله عليه وسلم إلى أن نتوفى اللهم إنا نستشفع به إليك إذ هو أوجه الشفعاء إليك ونقسم به عليك إذ هو أعظم من أقسم بحقه عليك ونتوسل به إليك إذ هو أقرب الوسائل إليك نشكو إليك يا رب قسوة قلوبنا وكثرة ذنوبنا و طول آمالنا وفساد أعمالنا وتكاسلنا عن الطاعات وهجومنا على المخالفات فنعم المشتكى إليه أنت يارب بك نستنصر على أعدائنا و أنفسنا فانصرنا وعلى فضلك نتوكل فى صلاحنا فلا تكلنا إلى غيرك يا ربنا وإلى جناب رسولك صلى الله عليه وسلم ننتسب فلا تبعدنا وببابك نقف فلا تطردنا وإياك نسأل فلا تخيبنا اللهم ارحم تضرعنا وآمن خوفنا وتقبل أعمالنا وأصلح أحوالنا واجعل بطاعتك اشتغالنا وإلى الخير مآلنا وحقق بالزيادة آمالنا واختم بالسعادة آجالنا هذا ذلنا ظاهربين يديك وحالنا لا يخفى عليك أمرتنا فتركنا ونهيتنا فارتكبنا ولا يسعنا إلا عفوك فاعف عنا يا خير مأمول و أكرم مسئول إنك عفو كريم رءوف رحيم يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً والحمد لله رب العالمين اللهم يا من لطفت بخلق السموات و الأرض ولطفت بالأجنة فى بطون أمهاتها الطف بنا فى قضائك وقدرك لطفاً يليق بكرمك يا أرحم الراحمين ( 3 ) اللهم انصر بفضلك ملكنا و أهلك الكفرة أعداءنا وآمنا فى أوطاننا وول أمورنا خيارنا ولا تول أمورنا شرارنا وارفع مقتك وغضبك عنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا رب العالمين ..


الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل

 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك، أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام ؛ نتابع شرح بعض الحكم العطائية، لابن عطاء الله السكندري، ومن هذه الحكم
من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل
(( ولابد من التنويه إلى أن السالك إلى الله يمر بمراحل ويمر بأحوال، فقد ينجو من المعصية فيصير تائباً، وقد يمنحه الله عملاً صالحاً، وهذا شيء طيب، ولكن مع كل مرحلة صعوباتها، ومنزلقاتها، وحينما يستقيم ويعتد باستقامته، ويرى أنه فوق الناس، فهذه الاستقامة أحياناً تحجبه عن الله، لأنه اعتد بها، واستعلى على خلق الله، أما الموقف الكامل، فموقف سيدنا يوسف قال:
﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)﴾
(سورة يوسف)
 فأنت إذا كنت عفيفاً، فهذا من معونة الله لك، ولو أن الله سبحانه وتعالى ضعّف مقاومتك لوقعت في المعصية، وهذا هو التوحيد، وهذا معنى قوله تعالى: 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾
(سورة الفاتحة)
 والإنسان حينما يستقيم يجد مزالق، فحينما يسلك الإنسان طريق الإيمان يجب أن يكون واعياً، وأن يكون يقظاً، وقد يطيب أن نعمق بعض فهمنا للإيمان، فطالب العلم يريد شيئًا بمستوى تطوره، ومستوى رقيه، فالاستقامة من نعم الله عز وجل الكبرى، ولكن حينما تعتد بها وتراها من إنجازك وقوة إرادتك، فهذه تصبح حجاباً لك عن الله ! فيجب أن تفتقر إلى الله، ورب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً، ومن المنزلقات التي يمكن أن يقع بها المؤمنون وهم مستقيمون على أمر الله أن يعتدوا باستقامتهم، وأن يزدروا مَنْ دونهم، ولو رأى إنسان عاصيًا، فيجب أن قلبه يشكر الله في قلبه على نعمة التوبة ويدعو له بالتوفيق، أما أن يشمت به وأن يستعلي عليه، فهذا نقص في كماله، وقد قال بعض الأدباء: "رقصت الفضيلة تيهاً بنفسها، فانكشفت عورتها "، وأنت حينما تتيه بالفضل، تقع في النقص ! وتقع في عدم الفضل.
فالإنسان إذا استقام، ومن منزلقات الاستقامة أن يعتد بها، وأن يراها من كسبه الشخصي، ومن جهده، وأن ينسى فضل الله عليه إذ أعانه عليها، فنسيَ قوله تعالى: 
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾
 فأنت في طاعة الله، إذا أعانك الله عليها، وهذا هو الافتقار إلى الله عز وجل، والآن انتقلت إلى مرتبة العمل، فلك عمل في الدعوة، وفي مساعدة المساكين، وفي إنشاء المساجد، وفي العلم أحياناً، وهذا العمل قد يكون عملاً عظيمًا، فما الذي يفسده ؟ أن تعتمد عليه، وفي الدعاء: "اللهم رحمتك أوسع من عملي "، واعتمادي على رحمتك أقوى من اعتمادي على عملي، فالذي يعتمد على عمله يورِثه ذاك الاعتماد نقصانَ الرجاء عند وجود الزلل، فإذا زلت قدمه وقع في اليأس، لأن اعتماده كان على عمله، لا على رحمة الله عز وجل.
 وبالمناسبة توجد صعوبات كثيرة وأنت في طريق الإيمان، وفي طلب العلم، وفي المسجد، ومع جماعة المؤمنين، تجد صعوبات كثيرة، وقد ذكرت لكم من قبل أن القّمة ليس من السهل أن تصل إليها ! إنها صعبة، ومع ذلك لو وصلت إليها، فهناك مزلق خطير وأنت في قمة النجاح، أن تصاب بالغرور، والغرور أخطر مرض يصيب الناجحين، فلو نجحت في عمل صالح، أو في دعوة إلى الله، أو في خدمة الخلق، أو في إنجاز كبير، فهذا النجاح حوله خطر، هو خطر الغرور، وذات مرة ضربت مثلاً: إن القمة قمة الجبل، والطريق إليها صعب، وهو طريق ملتوٍ وعر متعب، ولكن إذا وصلت إلى قمة هذا الجبل، فهناك طريق زلق يجعلك في الحضيض في ثانية واحدة ! إنه الغرور.
 وأحياناً فالإنسان كثيرًا ما يصاب بالغرور، والغرور يحجبه عن الله عز وجل ! حتى إذا كنت كاملاً مع الكمال، وإذا اعتمدت على الكمال، واعتبرته من إنجازك، ومن جهدك، ففيه غرور، لذلك ورد في بعض الأحاديث: أن الذنب شؤم على غير صاحبه، إن ذكره فقد اغتابه، وإن عيّره ابتلي به، وإن رضي به فقد شاركه في الإثم "، حتى أنت لو لم تذنب، وغيرك أذنب، فأنت معرَّض إلى ثلاثة أخطار ؛ خطر أن تعيِّره فتبتلى به، وخطر أن تذكره للناس فقد اغتبته، وخطر أن تقره عليه فقد شاركته في الإثم !
 أيها الأخوة ؛ إنَّ النفس تحتاج إلى عناية، وسيدنا عمر رضي الله عنه يقول: تعهد قلبك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فرعونات القلب حُجُبٌ بينك وبين الله ! والكِبْر حجاب، والاعتماد على العمل حجاب، والنبي اللهم صلِّ عليه كان قدوة لنا في الأخذ بالأسباب ! فالأخذ بالأسباب هذا موضوع يحتاجه المسلمون في مثل هذه الأوقات الصعبة، وهم في أمَسِّ الحاجة إلى مفهوم الأخذ بالأسباب، فقال له: يا رسول الله أعقلها أم أتوكل ؟ إنها ناقة تركها بلا عقل، قال: أعقلها أم أتوكل ؟ توهم هذا الأعرابي أن هناك تناقضاً بين الأخذ بالأسباب وبين التوكل على الله، فماذا أفعل يا رسول الله ؟ أعقلها وآخذ بالسباب ؟ أم أتوكل على الله وأدعها سائبة؟
(( عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ ؟ قَالَ: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ))
(سنن الترمذي)
 فالأخذ بالأسباب لا يتناقض مع التوكل، بل يتكامل معه، وتوجد نقطة مهمة وهي أن الله عز وجل جعل لكل شيء سببًا، فهذه سنّته في خلقه، وخَلَقَ الكونَ وفق نظام دقيق، وأنت حينما لا تحترم هذا النظام، فأنت لست عبداً لله ! وبعض الأمثلة: قال لك الطبيب: الملح يرفع لك الضغط، وأنت ضغطك مرتفع، أخي لا تسمع، كل إنّه طعام لذيذ، وأكثر من الملح، وتوكل على الله، هذا ليس كلامًا إيمانيًا، ولا كلامًا علميًا أبداً، مثلاً: فاكهة تحتاج إلى غسيل، سمِّ الله ولا يضر مع اسمه شيء، هذا ضعف في العقل ! من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه.
 أرى والله أعلم أن التأدبَ مع قوانين الكون من لوازم العبودية لله عز وجل، فالله عز وجل لا يخرق هذه القوانين إلا لضرورة ماسَّة، أرسل نبيًّا، فقال: أنا رسول الله، فالكلام الأولي أنت كاذب لست رسول الله، فماذا يفعل ؟ لابد له من أن يأتي بمعجزة تثبت أنه رسول الله ! فما المعجزة ؟ هي خرق القوانين، فخرق القوانين يكون لنبي من أجل أن يتحدَّى الناس الذين كذّبوه، فالله عز وجل يخرق الأسباب، وسيدنا عيسى من دون أب، فهذا خرق للنظام العام، نظام الإنجاب من ذكر وأنثى، وسيدنا موسى ضرب البحر فصار طريقاً يبساً ! وهذا خرق للقوانين، وسيدنا إبراهيم أُلقي في النار فلم تحرقه، فهذا خرق، لكن هذا الخرق للأنبياء لحكمة بالغة، لإثبات أنهم رسل من عند الله عز وجل، أما كل إنسان آمن بالله فهل يجب أن يخرق الله له القوانين ؟ هذا يسبب الفوضى ! وهذا ما أراه، فالذي لا يحترم نظام الله عز وجل وقوانينه هو ليس عبداً لله عز وجل.
 فالأخذ بالأسباب واجب، ولذلك أوضح مثلاً على ذلك ؛ فسيدنا عمر رضي الله عنه هاجر، ولم يأخذ احتياطًا، ولا اختفى، ولا سار مساحلاً، ولم يمحُ الآثار، ولم يأتِ بالأخبار، بل تحدَّى الناس أمامهم جميعاً ! من أراد أن تثكله أمه فليلحقني إلى هذا الوادي، إنّه شيء يحيِّر، والنبي لم يفعل ذلك، وسيدنا رسول الله خرج من مكة متخفياً، وسار مساحلاً، واختبأ في غار ثور، وكلَّف من يمحو له الآثار، ومن يأتيه بالأخبار، ومن يأتيه بالطعام، واستأجر دليلاً مشركًا رّجح فيه الخبرة على الولاء ! يا ترى أيهما أصوب ؟ 
 يا إخواننا الكرام: النبي مشرّع، ولو أن النبي الكريم فعل ما فعله عمر لعدّ أخذ الاحتياط حراماً، ولعدّ الأخذ بالأسباب حراماً، ولعدّ ترك الحيطة واجباً، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام مشرّع أخذ بالأسباب كلها ! فخرج متخفياً، وسار مساحلاً، واختبأ في غار ثور وقت شدة الطلب، وعيّن له من يأتيه بالأخبار، ومن يمحو له الآثار، واستأجر دليلاً للطريق رجّح فيه الخبرة على الولاء، ثم وصلوا إليه ! وصلوا إلى غار ثور ! 
 هنا النقطة الدقيقة الحسَّاسة، ولو أنه اعتمد على هذه الأسباب لانهار عند وصول القوم إليه، فلقد أخذ بها تعبداً، ولم يعتمد عليها، إنه يعتمد على الله عز وجل، والحقيقة هذا موقف دقيق وحسَّاس، ونحن في أمس الحاجة إليه كل يوم ! ونحن في طريق عن يمينه وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، وهذا الطريق ضيّق، إنه الطريق الذي يجنح بين التوكل والأخذ بالأسباب ! فتأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وتتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، وهذا هو الموقف الكامل.
والشرق الآن لم يأخذ بالأسباب، يقول لك: إيمان، فالإيمان يلزمه استعداد، والعدو يعمل ليلاً ونهاراً، نحن نقول: نحن مؤمنون ولم ينصرنا الله عز وجل ! فلا يكفي الإيمان، إذْ لابد من الاستعداد. 
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
(سورة الأنفال)
 ولابد من الإعداد، ومن الإيمان، وكلٌّ منهما شرط لازم وغير كافٍ، فالغرب أخذ بالأسباب، واعتمد عليها فأشرك، ونحن لم نأخذ بها فعصينا، والموقف الكامل الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أخذ بكل الأسباب، واعتمد على الله
(( فعَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا ! فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ))
(صحيح البخاري)
 وفي رواية أخرى: قال: يا رسول الله وقعت عينهم علينا، قال: يا أبا بكر ألم تقرا قوله تعالى:
﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)﴾
(سورة الأعراف)
 وهذا الذي يحتاجه المسلم اليوم، فأعداء المسلمين أقوياء ووحوش ! أعداء المسلمين أغنياء، وأذكياء، لكنه ذكاء شيطاني، والله لا يقبل منا أن نتوكل عليه هكذا، فلا بد أن نعمل، لا بد نأخذ بالأسباب، ويكمل هذا الموضوع هذا الحديث الشريف
(( عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ، فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))
(سنن أبي داوود)
 أهكذا تستسلم، ولا تفعل أي شيء أبداً ؟ ماذا نفعل ؟ قدّم طلبًا، وصّل ، وتحرك، وهناك طرفة رُوِيَتْ ولها معنى عميق: أن رجلاً قال: الله هو الرزاق فلماذا أعمل ؟ جلس في الشيخ محي الدين ! وجاء رجل معه صفيحة ولم يتكلم ولا كلمة، ونسي أن يعطيه، فجاء رجل معه خبز لم يعطِه، وفي المرة الثالثة سَعَلْ فلفت النظر فأعطوه ! إذًا تحرَّك واعطُس، فلو توكلتم على الله حق التوكل، كما قال عليه الصلاة والسلام
((، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ))
(رواه الترمذي)
 الطير ماذا فعلتْ ؟ تغدو خماصا و تروح بطانا، تغدو: إذن توجد حركة، والمسلمون الآن في أمسِّ الحاجة لهذا المعنى ؛ أن نأخذ بالأسباب، المسلم علمي، إذا مرِض ابنه ماذا يفعل ؟ يبحث عن أفضل طبيب، ويتلقى التعليمات بدقة، وينفذها بحذافيرها، ويتصدق، ويقول: يا رب توكلت عليك، يا رب اشفِ ابني، فهذا هو المؤمن، ولا نُحتَرم إلا إذا كنا هكذا ! وميزان الحضارة الآن يجب أنْ نكون هكذا. 
 يتسوق بضاعة سيئة بسعر غالٍ، إنها لا تباع، فيقول: الله لم يوفقني، فأنت أين عقلك ؟ ولماذا لم تقم بدراسة دقيقة للسوق ؟ ولماذا لم تلاحظ جدوى البضاعة ؟ هل سألت عن أسعارها ؟ ومن لك منافس بالسوق ؟ فهذه يلزمها دراسة، وهذا المسلم الساذج البسيط الذي لا يتحرك حركة، إنّه مرفوض الآن، لأن الحياة اليوم فيها تنازع مخيف ! وحسبَ القوانين الإلهية ؛ القوي الذي يتحرى الأسباب هو أقوى من المسلم الذي لا يأخذ بالأسباب، فالمسلمون الآن لا ينجيهم من أعدائهم الشرسين إلا أن يأخذوا بالأسباب وأن يتوكلوا على الله، فإن أخذوا بها واعتمدوا عليها كانوا كالغربيين الذين وقعوا في وادي الشرك ! وإن لم يأخذوا بها كانوا كالسُّذَّج الذين توكلوا على الله عز وجل توكلاً ساذجاً.
 سيدنا عمر رأى أشخاصًا في موسم الحج فقال: من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون ! قال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله ! أنا والله أتمنى على إخواننا الكرام أن يكونوا علميِّين، يأخذون بالأسباب، ويتوكلون على الله، وهذا هو الموقف الكامل، ادرس وخذ بكل الأسباب، ثم قل: يا رب وفقني، أمّا: وفقني، من غير حركة، ومن دون سعي، ومن دون إتقان عمل، ومن غير ضبط المواعيد، ومن غير دراسة للسوق، فهذه هي سذاجة المغفل، لا يحميه القانون، والمغفل لا يستحق نصر الله عز وجل بهذه السذاجة والبساطة، فمن علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل.
 والآن أخذت بالأسباب الكاملة، وبقي عندك قضية إيمانية، فيجب أن تعتمد على الله الاعتماد الكبير، وأخذت بالأسباب، وعليك أن تعتمد على الله، وهذا المعنى فيما أرى أنّ المسلمين في أمسِّ الحاجة إليه في دنياهم وحياتهم، ومساكنهم، وتجارتهم، وتأمين طعامهم، وتأمين عمل لأولادهم، وتأمين مستلزمات حياتهم.. فيجب أن يأخذوا بالأسباب، وأنْ يتوكلوا على الله عز وجل.
والمشكلة أن التوكل من عمل القلوب، والأخذ بالأسباب من عمل الجوارح، فإذا جعلتَ التوكل من عمل الجوارح لم تستفِد شيئاً، وهذه أكبر مشكلة، لأن التوكل الذي هو من عمل القلب أصبح من عمل الجوارح.
وفي حياتنا مغالطات، فطبيب مهمل، يموت المريض، فيقول لك: انتهى أجله، سبحان الله، ولا إله إلا الله، فهذا كلام فيه مغالطة، وقد ورد في بعض الأحاديث: " من طبَّب ولم يُعلَم منه طب فهو ضامن " فيجب أن يدفع الدّية، وما يجري في الغرب أصْوَب مما نفعله نحن، فإذا أخطأ الطبيب يحاسب ! أما أن موضوع "انتهى أجله" فهذا ليس عملك، وأمامك دليل قويٌّ ؛ هو حديث الإفك، قال لي أخ منذ مدة: هناك مريض أجرى قسطرة، فسمعت أنه لا يجوز أن تُجرَى له مرتين ! فلاحق المريض الطبيب وقال له: أجرِ عملية قسطرة، ولم يقل له: أنت قمت بها سابقًا؟ أجرِيتْ له فمات ! ألا سألته هل أُجرِيتْ له سابقاً أم لا ؟ فكان على عجلة فقال له: أجرِ عملية قسطرة، فالمرة الثانية كانت نهايته بهذه القسطرة، فهذا بالميزان الإسلامي يحاسب الطبيب حسابًا عسيرًا، لأنه سبب موت إنسان، فما الفرق بين إنسان قتل إنسانًا خطأ، وليس قصداً، عليه ديّة وصيام ستين يومًا متتابعة، وإنسان قتل إنسانًا تقصيراً، فقد يكون يسير الإنسانُ بسرعة عشرة فيمر طفل أمامه فيدهسه ! فعليه الدية.
﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾
(سورة النساء)
 إذا كان الخطأ من الطفل، فالإنسان يحاسب، وإذا كان الخطأ من الطبيب لأنه أهمل وقصّر فيجب أن يحاسب، الدليل ؛ تخيّل أن السيدة عائشة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام يقال عنها: زانية ! وزوجها رسول الله ! فهذا الشيء هل يحتمل ؟ إنه لا يحتمل، بل شيء فوق طاقة البشر، وكل رجل منا يتحمل ألف مشكلة في بيته، أما أن تتهم زوجته بالزنى، وأن يشيع الخبر في المدينة كلها، فهذا الذي حدث، وهذا الذي سمح الله به، فقال تعالى: 
﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾
(سورة النور)
 وبما أن الله سمح بهذا، فلدينا قاعدة ذهبية مريحة ؛ إنه لكل واقع حكمة ! فهذا الكون ملك الله، ولا يليق أن يقع شيء في كونه دون إرادته، ودون أن يسمح له، ولا يقع شيء في الكون إلا إذا أراده الله، فمادام الشيء قد وقع، فلهذا الوقوع حكمة، سواء علمناها أم لم نعلمها، نكشفها أو لا نكشفها، إذْ لكل واقع حكمة، وهذه قاعدة، وطبعاً لها قاعدة أوسع: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، فإنه شيء قطعي، فالإفك وقع، وكان من الممكن ألا َّيقع.
 وأجمل ما قرأت في التفاسير أنه يوجد اثنتا عشرة حالة ؛ كل واحدة منها كانت تلغي حديث الإفك، فعندما حملَ أصحابُ رسول الله هودَجَ السيدة عائشة ووجدوه خفيفًا، فأين هي ؟ بحثوا عنها فوجدوها، وانتهى الأمر، والتغى الحديث، وضاع عقدها، فلو لم يضِع عقدها لما كان الإفك ! لقد ذهبت تبحث عنه، وابتعدت عن مكان الهودج، إنه خيط قد انقطع، وهو سبب حديث الإفك ! حُمِل الهودج فشعروا أنه خفيف، فبحثوا عنها فوجودها، وهي قصة طويلة، ولو أن مسطح لم يكن متأخرًا، لما بلغه الخبر بما تكلموا إلى آخره. 
﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾
 توحيدياً سمح الله به، وتوحيدياً عدّه الله خيرًا، والله يحاسب الذي روّج الخبر، قال:
﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)﴾
(سورة النور)
 انظر فإنّ التوحيد لا يلغي المسؤولية، إذا قصَّر الطبيب فمات المريض وقال: ترتيب أجله، لا إله إلا الله، إنه ترتيب يدك، جاء أجله، لا يلغي محاسبة الطبيب، والتوحيد ليس لك علاقة فيه، توحيدياً مات بأجله، أما جزائياً فأنت مسؤول عن موته، وهذا يا إخواننا كلام دقيق، والمسلمون يقعون في مغالطات كثيرة، فيلغون أخطاءهم كلها بالتوحيد، أخي درست ولم أنجح، واللهُ لم يكتب لي أن أنجح، ما هذا الكلام ؟ هذا كلام مضحك، كلام تشمئز منه النفوس، فأنت مقصِّر، ولم تدرس ورسبت بالعدل، أو باستحقاق، ثم تقول: اللهُ لم يكتب ليَ النجاح ؟ وأكثر المسلمين بهذه التصورات، وأنا باعتقادي هذا سبب تخلفهم، وسبب أنهم الآن في المؤخرة وليسوا في المقدمة، لأنهم لم يأخذوا بالأسباب.
 فانظر إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى التابعين، وإلى القرون الثلاثة الأولى، وإلى المؤمنين الصادقين، إنه شيء عجيب، أخذوا بالأسباب من أعلى درجة، وتوكلوا على الله من أعلى درجة، وهكذا القرآن: وأعدوا لهم، والآن لو أخذنا بالأسباب فلدينا صعوبات أخرى، أن نعتمد عليها وننسى الله ! 
 رجل فهيم، وأموره محكمة، وكل شيء لديه مدروس، تكلم كلمة فيها سوء أدب مع الله، فقال: الدراهم مراهم ! وكل شيء يَنحلُّ بالمال، فالله عز وجل أدخله السجن، وبقي فيه ثلاثة وستين يومًا بالمنفردة، قال لي: كل يوم يأتيني ألف خاطر، أن الدراهم مراهم ؟ فتفضل وحُلّها بالمال، إنها لا تُحلُّ، فأنت برحمة الله، وبتوفيقه، وحفظه لك، وليس بذكائك. 
فلذلك أيها الأخوة ؛ قضية التوكل والأخذ بالأسباب من أخطر الموضوعات في حياة المسلمين! وخطؤهم الأول أنهم لم يأخذوا بالأسباب، وكل شيء له سبب، قال: 
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85)﴾
(سورة الكهف)
 فإذا ركبتَ مركبة في طريق سفر، فوقفت فجأة في صحراء، ماذا تفعل ؟ يا رب يسِّر لي؟ لا، هذه أخِّرها قليلاً، تفتح غطاء المحرك وتبحث عن الخطأ فتصلحه، يا رب لك الشكر، ولك الحمد، افتح غطاء المحرك، وابحث عن شريط مقطوع، وعن مشكلة، وعن خطأ، فعقلنا عقل طوبائي، وليس عقلاً علميًّا ! ونحن بحاجة إلى عقل علمي، أيْ أن نتعامل مع الأشياء وفق منهج الله، ووفق الأسباب والمسببات، وأن نتعامل مع منهج الله والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلم عندما توفي ابنه إبراهيم، وشاءت حكمة الله أن تكسف الشمس لموته، هذا ما فهمه الصحابة، إذْ ربطوا كسوف الشمس بموت إبراهيم، فالنبي بلغه ذلك
(( فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ،ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ))
(صحيح البخاري)
 هذا هو الموقف العلمي، كنت مرة بالعمرة، فسمعت كلامًا عن المدينة غير معقول أبداً: مفادُه أنّ هناك أنوارًا تصعد من المقام النبوي ! أنوار للسماء ! ما هذه النورانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله سمعتها من واحد واثنين وثلاثة وأربعة... وذهبت إلى المدينة وأنا أحرص على حضورِ درس علم هناك، فحضرت درس علم بين المغرب والعشاء، ورجل أحترمه، قال: يا إخوان اتصلت بأمير المدينة، فأبلغني أن هذه الأنوار الساطعة من مقام النبي هي أشعة الليزر ! اليوم يوجد لدينا بناء يشع منه أشعة الليزر أخضر، انظر إلى الموقف العلمي ! النبي منهجه السنّة، منهجه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث، بهذه التوجيهات الرائعة، وبالموقف الكامل، هذا هو، ولا يوجد داعٍ لأن ترى أنوارًا صاعدة وهابطة، لا حاجة في ذلك، اقرأ السنّة وتعلم منها، واجعله أسوة لك وقدوة.
 ذات مرة ضربت مثلاً، والشيء بالشيء يذكر ؛ هناك إنسان عالم كبير له حوالي ثلاثمائة أو أربعمائة مؤلف، ويحمل أربع أو خمس دكتوراه، وعنده حاجب لا يقرأ ولا يكتب، فهذا العالم له مكتب، ومكتبة ضخمة، وكرسي واسع، ففي غياب هذا العالم جلس هذا الحاجب على كرسيه وراء المكتب، فهل يرقى بهذه العملية برأيكم ؟ لا، لا يرقى، يبقى هذا الحاجب أمّيًّا وجاهلاً، ويبقى سيده عالمًا كبيرًا، أما لو أخذ الحاجب كفاءة،أو إتمام مرحلة، وسار في طريق العلم، فأخذ الكفاءة وأكمل، وأخذ البكالوريا، وأكمل لكان أرقى له. 
 وثمَّة مثل آخر ؛ هذه كلها من أمراض المسلمين ؛ نتبرّك، والتبرك وحده لا يكفي، وبالمناسبة أنا لا ألغي التبرك، ولا أعتدُّ به لدرجة أني ألغي عملي الصالح، وعندما تصلي بمصلى النبي تبكي ولا يوجد شك، وثمّة صلَّى النبي، وهنا سجد، وكان وراءه سيدنا الصديق والصحابة، فلا بد أن تتأثر، ولكن لا تعتمد على التبرك وحده، اعتمد على تطبيق منهج رسول الله، فهذا الأكمل.
 مثل آخر: لو أن عالمًا كبيرًا له ابن جاهل، وهذا الابن مهما مدح أباه، ولو أمضى كل حياته يمدح والده، فالأب عالم والابن جاهل، تجد وقد تجلس في عقود القران فمديح رسول الله شيء رائع، وتبكي أحياناً،ولكن يا تُرى إذا مدحناه طوال حياتنا وبيتنا ليس إسلاميًّا، ولم نطبق منهجه، فصدِّقوني أن هذا المديح لا قيمة له ! لأني أنا أملك دليلاً، قال تعالى: 
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾
(سورة آل عمران)
 قلت لكم سابقاً: مسبح مختلط، والنساء يسبحن شبه عاريات، وصاحب المسبح أقام مولدًا نبويًّا في المسبح نفسه، ودعا الناس، وفِرَقَ الإنشاد ! وجاء أناس وألقوا كلمات، شيء جميل ! وعملُه من أكبر المعاصي ! ومع ذلك دعا فرقة نشيدٍ ومدحوا النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء أناس والقوا كلمات وبارك الله بأبي فلان، وهكذا أصبحت حياتنا، تراها من غير تطبيق للإسلام، ولكن يوجد مظاهر، ومظاهر صارخة للإسلام، والآية الكريمة: 
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾
(سورة الأنفال)
 فما دمت يا محمد، وما دامت سنّتك مطبقة في حياتهم فهم في مأمن من عذاب الله ! وماداموا يستغفرون فهم في مأمن آخر، أما لا يطبقون ولا يستغفرون، إذاً ما العمل ؟ والِله امرأة اتصلت وقالت لي: أستاذ أنا لدي زجاجة خمر، ولكنها غالية الثمن، وحرام أن أكسرها، فهل أهديها لأحد فيشربَها ! هذه صاحبة دين، وتخاف من الله، وجاءتها هدية، فهل من المعقول أن تكسرها ؟ فهناك رجل يشرب فتهديها له لتكسب بياض الوجه ! ورجل آخر قال لي: باقة الورد هل يمكن أن أحسبها من الزكاة يا أستاذ ؟ يريد أن يحسب ألف ليرة ثمن الورد من الزكاة ! ويقدمه في عرس ! عجبت لهذا وقلت في نفسي: أين يسير هؤلاء الناس ؟ إنهم يسيرون في متاهات، وهذا الدين منهج، ولو أخذت شكلياته لا تستفيد شيئًا ! 
إذا أحضرت إشارة سيارة المرسيدس ووضعتها على عربة الحصان فإنها تبقى عربة ! ولا تصبح سيارة، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بالحكمة الوحيدة اليوم: "من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل ".
والحمد لله رب العالمين