السبت، 1 أكتوبر 2011

اغمات، عبر التاريخ


 تعتبر مدينة أغمات من أعرق المدن المغربية و أقدمها، إذ نجد لها ذكرا في معاجم البلدان و مصادر التاريخ الأولى للمغرب الأقصى، يعود تشييدها إلى ما قبل دخول الإسلام إلى المغرب، و قد أهلها موقعها الجغرافي والإستراتيجي لتكون ممرا لا محيد عنه لقوافل التجارة، وكذا مركز جذب لعدة تحركات بشرية قدمت إليها من مختلف ربوع المغرب و المغرب العربي والأندلس.

       وقد مرت أغمات من فترات تاريخية مختلفة، إذ عرفت كمدينة مصمودية عامرة، حيث كانت إمرةُ أهلها دُوَلاً بينهم، يتولى الرجل سنة ثم يديلونه بآخر منهم عن تراض واتفاق، حسب ما ذكره صاحب الاعلام، العباس التعارجي  نقلا عن البكري في المسالك والممالك، لتصبح قاعدة إدريسية مزدهرة، ثم عاصمة بعد ذلك لإمارة مغراوة خلال القرنين 10/11 للميلاد، وتتحول إلى أول عاصمة للمرابطين الذين لم يبرحوها إلا بعد تشييد مراكش، لتتخذ بعد ذلك مقرا لإقامة و نفي ملوك الطوائف – بعد توحيد عدوتي المغرب و الأندلس – خاصة المعتمد بن عباد أمير إشبيلية  وعبد الله بن بلكين أمير غرناطة.

      ويشير أغلب المؤرخين إلى أن أغمات مدينتان هما : أغمات أوريكة و أغمات ايلان، فأما الثانية فقد اختفت منذ فترة مبكرة تعود إلى ما بعد منتصف القرن السابع الهجري، و أما أغمات أوريكة، فهي المعروفة اليوم باغمات وهي على بعد أقل من 30 كلم جنوب مراكش. وعلى الرغم من أن حالتها الآن بعيدة عن صورتها القديمة التي أطنب صاحب المسالك والممالك في وصفها. فإن الثابت أن أغمات قد شكلت – كما تؤكد مصادر التاريخ – إحدى أبرز المحطات في خريطة الفتح الإسلامي، وبها تأسست أقدم مساجد الإسلام في المغرب، وشكلت موطنا بارزا لأهل العلم و المعرفة والصلاح والولاية، كما كانت ملتقى تواصل ثقافات الغرب الإسلامي خاصة الأندلس والقيروان .

        ولعل فضل هذه المدينة وإشعاعها ومكانتها العلمية والروحية في تاريخ المغرب سيتضح بشكل أكثر جلاء إن رحنا نستعرض أسماء النابغين الملهمين بها في مختلف أنواع المعارف والفنون العلمية والروحية، وأكابر رجال الصلاح من أبنائها أو ممن وفدوا إليها من مختلف الأقطار فاستلذوا بها المقام، واستعذبوا نسيمها الفواح بأريج الخير والعلم والصلاح .
أغمات مهد التصوف بالمغرب
رجالات العلم والصلاح
 أبو عبد الله محمد بن سعدون بن علي بن بلال القيرواني
(ت 485)
(ضريحه موجود بمقبرة أغمات التاريخية)
          ذكر صاحب التشوف أن " أصله من القيروان، ولقي بمكة أبا بكر المطوعي، فحمل عنه تواليفه في التصوف وغيرها، واستقر أخيرا باغمات أوريكة، وبها مات سنة 485ه (...) وكان من أهل العلم والفضل"
         وقال عنه صاحب الاعلام : كان من أهل العلم بالفروع والأصول، وكتب الحديث بمكة ومصر والقيروان(...) وله تآليف منها كتاب (تأسي أهل الإيمان بما طرأ على مدينة القيروان) (...) وكتاب في الفقه على مذهب مالك بن أنس، وكان خروجه من القيروان للتجارة، فطاف بلاد المغرب والأندلس، وأخذ الناس عنه هناك كاهل قرطبة وبلنسية و ألمرية وغير    ذلك من البلاد وفتح الله لهم على يده".
        وحدث التادلي عن ثقات أشياخه أن فقيها من فقهاء أغمات وقف عند قبر الولي أبي عبد الله بن سعدون فسمعه بعض الصالحين يتكلم معه، فقال له ذلك الصالح سمعتك تتكلم عند قبر الولي بن سعدون، فقال له ذلك الولي: أنت رجل صالح، ولولا ذلك ما حدثتك فاكتم علي، اعلم أني قد اشكلت علي مسألة فبحثت عنها فلم أجدها، فأتيت قبر الولي بن سعدون فذكرت له المسألة، فقال لي من قبره: اطلبها من الكتاب الفلاني.
         وما يزال قبر هذا العالم الزاهد معلوما، عليه بناء بسيط من الطابية، معروف لدى الناس باغمات بضريح سيدي سعدون.
 أبو محمد سيدي عبد الجليل بن ويحلان (ت541)
 (ضريحه معروف وسط سوق أغمات)
  هو الشيخ الفقيه العالم الصالح الزاهد  سيدي عبد الجليل بن ويحلان، ترجم له صاحب التشوف بقوله :" دكالي الأصل، ونزل باغمات (...) كبير الشأن من أهل العلم والعمل. رحل إلى المشرق فلقي به شيخا من الصوفية، فأخذ عنه هذا الشأن شيخا عن شيخ بالسند المتصل ..."
وذكر أنه درس الفقه باغمات ثلاثين سنة محتسبا مع شدة فقره وفاقته، وكان إذا انصرف عنه حملة الفقه يقول لخاصة أصحابه، تعالوا نأخذ في نور العلم، فيأخذ معهم في علوم الآخرة وأسرار التصوف.
       وقد أورد التادلي أن ابن زرقون جاء إلى قاضي أغمات عبد الحق بن ابراهيم فقال له : أما ترى ما أحدثه عبد الجليل من البدعة من اجتماع الناس عليه من باب الجامع إلى باب داره ( وكان سيدي عبد الجليل إذا صلى الجمعة انصرف إلى منزله، فلم يكن يصل إلا في أول وقت العصر من كثرة ما يحبسه الناس للدعاء والتمسح به )، فقال له القاضي : مر أنت وافعل كفعله واجمع الناس عليك، فقال له: لا يتأتى لي ذلك. فقال له: ماذا أصنع أنا في رجل وضع له القبول في الأرض، فلولا أن الله يحبه ما أحبه الناس.
        ويروي أيضا أنه "لما كان عام أربعين وخمسمائة، نادى المنادي باغمات: كل من هو ساكن بدار قريبة من الجامع فلينتقل منها بأهله وماله، فمن أتت عليه ثلاثة أيام، ولم يخرج من داره، فلا يلومن إلا نفسه إلا عبد الجليل. فدخل على عبد الجليل من أخبره أن الناس المجاورين للجامع أمروا بالإنتقال من ديارهم، ولم يستتن أحد سواه، وأن من بقي بعد ثلاثة أيام أخذ ماله، فعظم على ذلك على عبد الجليل، فأمر أهله بالانتقال مع الناس إلى ديارهم، فلما قيل إن عبد الجليل قد رحل مع الناس، نادى المنادي بأن يرجع الناس إلى ديارهم، فجاء الرسول إلى عبد الجليل أن ينهض إلى جبل اجليز، فاعتذر له بأنه مريض فقال له لا بد من النهوض، ولو حملناك على نعش، وكان ذلك وقت الظهر، فطلب أن يؤخر إلى وقت العصر، فلما كان وقت العصر، خرجت إلى الناس جنازته رحمه الله، فدفن قبلي مدينة أغمات.
        تبركنا بزيارة ضريحه وسط سوق اغمات، وضريحه في حاجة إلى مزيد من الاهتمام والعناية، احتراما لمقام هذا الولي الصالح الذائع الصيت الذي حل باغمات، فأحبه أهلها، وزادها خيرا أن دفن بها.
أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الهزميري (ت 678)
( ضريحه معروف بمقبرة أغمات )
أبو محمد صالح بن عمر 
(ضريحه معروف إلى حد الآن بجبل مسفيوة على بعد عشر كلم قبلي اغمات ...)
 أبو زيد الإمام
( قبره يوجد بمقبرة أغمات القديمة وراء السوق الحالية خارج ضريح أبي عبد الله الهزميري )
( غير مبني عليه )
 سيدي السايح (ت 605 )
(دفين دوار امضطى، بجماعة اغمات )
 أبو ابراهيم اسحاق ابن ويعزان
( دفين دوار امي نتغريست بجماعة تيديلي مسفيوة )
 أبو محمد عبد الغفور الايلاني
( قبره بأدوز اخندافن ت 586 )
 سيدي يوسف بن يعقوب بن مومن المرادي
من أهل اغمات اوريكة وبها مات رحمه الله وكان إمام الفريضة بجامعها، كان عبدا صالحا ورعا يخيط الثياب بداره ولا يتعيش إلا من كد يمينه، وهو مشهور لدى العامة الآن باسم سيدي يعكوب.
 أبو محمد عبد العزيز التونسي (ت 486 )  
( قبره بقرية قرب اغمات، ويعرف بسيدي التونسي)
 إمرأة  مجهولة لعلها أخت سيدي عبد العزيز التونسي
قال في التشوف : (رأيت قبلي مدينة اغمات اوريكة على قرب من قبر عبد العزيز التونسي قبرا يتبرك الناس به، ويدعون عنده، ويذكر أنه قبر أخت عبد العزيز التونسي وأنها  انقطعت إلى عبادة الله  إلى أن   ماتت وهي بكر، وأن عبد العزيز كان إذا جاءه أحد يستوهب منه الدعاء، يأمره أن يذهب إليها لتدعو له.)
 أبو العباس احمد  بن عبد الرحمان الهوار
(دفين مقبرة اغمات، قبره غير معروف)
أبو  الحسن علي ابن عبد الرحمان الهواري
كان عبدا صالحا كثير البكاء من خشية الله تعالى، وكان إذا سمع كتاب الله تعالى يسمع له عويل ونحيب. وكان ذا مال فكان يصرفه في سبيل الخير و البر.
أبو وكيل ميمون بن تيكرت الوريكي الأسود
(مقبرة اغمات، غير معروف القبر)
 أبو زكرياء يحيى بن إيسولال الصنهاجي
(دفين مقبرة اغمات التاريخية)
لقمان السايوي
( دفين مقبرة اغمات )
 أبو محمد عبد العزيز ابن محمد الباغاني 
وردت ترجمته في التشوف ، ونصها كالآتي:  (من أهل اغمات اوريكة صحب محمد بن سماعيل الهواري، ويوسف بن يعقوب المرادي وغيرهما من أهل الفضل، وكان عبدا صالحا زاهدا في الدنيا وأهلها.)
أبو محمد عبد الله المليجي
 (مات قبل الأربعين وخمسمائة باغمات وقبره غير معروف لحد الآن)
سيدي أحمد أبو عمرو
( رجراجي متأخر ، قبره يتوسط مقبرة أغمات عليه قبة معلومة )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق